«تعويم الهوية» و«المسرح العربى والغربى» جلسات تُنعش «القاهرة التجريبى» (ملف خاص)

تتواصل فعاليات مهرجان القاهرة الدولى للمسرح التجريبى، فى دورته الـ٣١، برئاسة الدكتور سامح مهران، والذى يقام فى الفترة من ١ إلى ١١ سبتمبر الجارى، وذلك من خلال تقديم العديد من العروض المسرحية، والجلسات الفكرية، والورش الفنية المتنوعة، بين التمثيل والسينوغرافيا، والتى لاقت تفاعلًا فى أول أيام المهرجان.

قدم المهرجان ورشة «إلى الممثل.. ورشة تعريفية بطريقة ميخائيل تشيخوف الممثل والمخرج/مع الممثل» ويقدمها الفنان عجاج سليم من «سوريا»، وفى التوقيت ذاته انطلقت ورشة «السينوغرافيا واقعًا وخيالًا» وتقدمها الفنانة شادية زيتون من «لبنان»، كما تقدم الفنانة أولجا بوزيلى من «اليونان» ورشة مسرح الابتكار الجماعى، بالإضافة إلى فعاليات ورشة «مسرح إعادة الحكى.. التمثيل الجسدى» وتقدمها الفنانة داليا صبور من «مصر».

باقة متنوعة من العروض أيضًا تضمنت فعاليات المهرجان، حيث قدمت بقاعة زكى طليمات بمسرح الطليعة العرض المسرحى «إبرة» من الإمارات، كما شهد مسرح الفلكى عرض «medea treno» من إسبانيا، وفى التوقيت نفسه قُدم عرض «autorretrato» من الإكوادور على مسرح الغد، كما شهد مسرح السلام عرض «شجرة اللبان- موشكا» من «سلطنة عمان»، بالإضافة إلى عرض «ضوء» من السعودية على مسرح ميامى، وعلى مسرح العرائس يُقدم عرض «حكاية درندش» من «العراق»، وكذلك مسرح السامر الذى شهد عرض «زغرودة» من الإمارات، وعلى خشبة المسرح القومى جاء عرض «celebraters» من «اليونان»، وفى التوقيت ذاته يُقدم عرض «الألياتروس» من «تونس».

وانطلقت أولى جلسات المحور الفكرى، تحت عنوان «المسرح وصراع المركزيات» وجاءت الجلسة الأولى تحت عنوان «تعويم الهوية المسرحية» والتى أقيمت بقاعة الندوات بالمجلس الأعلى للثقافة، وأدارها السفير على مهدى من السودان.

جانب من العروض المقدمة فى مهرجان القاهرة للمسرح التجريبى

وقدم الناقد المسرحى المغربى الدكتور عبدالواحد بن ياسر ورقة بحثية بعنوان «تعويم الهويات فى المسرح المعاصر»، موضحًا مفهوم الهوية فى المسرح اليوم، قائلًا: «يستلزم الوقوف على تمحيص المفهوم نفسه ومساءلته، وهو غالبًا ما يحيل إلى مفهوم الثقافة ويرتبط به، ومن تم تأتى مقولة (الهوية الثقافية) التى تعود فى أصلها إلى الأنثروبولوجيا ولعلم النفس الاجتماعى فى خمسينيات القرن الماضى».

وأضاف: «أما حداثة خاصية التداخل أو التمازج الثقافى فى المسرح المعاصر، فتعود لكون مفهوم الإخراج المسرحى نفسه حديث العهد، ولم يلجأ إلى هذا التداخل بشكل واع يستند إلى أسس جمالية واضحة إلا مع التجارب الطليعية لكل من (مایر جولد) و(بریشت) و(أرطو)، وبشكل أكثر عمقًا وجذرية مع المجموعات الفنية المختلطة والتى تتداخل فيها ثقافات وجنسيات مختلفة، كما تدل على ذلك تجارب (باربا) و(بروك) و(منوشكين)، ويمكن اعتبار منطقة الإخراج المسرحى أهم وأنجح ورش أو مختبر تتم فيه مساءلة كل التمثلات الثقافية والهوياتية، وتعرض للمشاهدة والاستماع ليتم تمثلها من قبل الركح والقاعة فى الآن نفسه».

موضحًا أنه من النماذج المسرحية التى أفرزت إشكالية المسرح والهوية تأتى مسرحية (ريتشارد الثانى لشكسبير ومن إخراج أريان منوشكين)، وفيه لجأ منوشكين إلى أحد الأشكال المسرحية الشرقية العتيقة وهو المسرح اليابانى القديم، وإن أول ما يبهرنا فى المسرحية هو الفضاء المسرحى الجديد الذى لم تتعود عليه العين الغربية، ومجموع مكونات السينوغرافيا وعناصرها البسيطة، والفضاء الرمزى المفعم بالأصوات الموسيقية الصاخبة والهادئة المنبعثة من آلات شبه خرافية مستوردة من مناطق الشرق الأقصى، فضلًا عن أسلوب الأداء المعتمد على فن الكابوكى بتقاليده التشخيصية الصارمة المقطرة.

كما قدم السفير على شيبو من العراق ورقة بحثية بعنوان «المرجعيات المركزية الاجتماعية ومفهوم التجريب فى المسرح» وفيه تحدث عن المرجعيات الغربية وتأثيرها على المجتمع العربى، وتأثير هذه المرجع سواء كانت المجتمعات الغربية أو المجتمعات العربية على منظومة الفن المسرحى ككل بمعنى آخر تأثيرها على جماليات المسرح على سلوك المسرح وعلى شكل المسرح.

وتحدث السفير على شيبو عن جانب آخر وهو أن المسرح أساسًا ليس أصيلًا فى الثقافة العربية ككل إنما هو ثقافة وفن وافد على الثقافة العربية، ويصبح هنا البحث عن هوية بالنسبة لى فى الوقت الحاضر أمرًا قد يبدو عبثيًا إنما يمكن أن يصبح مهمًا للغاية هو الاهتمام بالفن، يوثق شيئًا داخل الثقافة العربية بمعنى آخر هو السلوك باتجاه أن تضع المسرح كجزء أو مشروع من ضمن مشاريع الثقافة العربية الذى هو حاليًا بعيد عن مسار الثقافة العربية ككل.

كما قدم الدكتور مشهور مصطفى أستاذ فى قسم المسرح والسينما والتلفزيون بكلية الفنون الجميلة بالجامعة اللبنانية، ورقة بحثية بعنوان «الهويات المسرحية بين العولمة وصراع المركزيات الثقافية» موضحًا أن المسرح كمكون ثقافى أساسى من بين مكونات ثقافية أخرى تنتمى إلى نسق ثقافى معين، يجد مكانته وتأثيره سواء لجهة تثبيت المركزية الثقافية التى ينتمى إليها أم لا، أم لجهة الرفض والتصدى لهيمنة أى مركزية ثقافية أخرى بحكم طبيعته الفنية المتجددة والتغييرية والتجاوزية.

جانب من العروض المقدمة فى مهرجان القاهرة للمسرح التجريبى

جانب من العروض المقدمة فى مهرجان القاهرة للمسرح التجريبى

وأشار «مشهور»: المسرح فى مساره القديم والتقليدى منذ نشأته قد شكّل جزءًا لا يتجزأ من نسق ثقافى غربى ومركزية ثقافية غربية فى طريق التبلور سابقًا، أى المكوّن الثقافى داخل مركزية ثقافية لجهة من الجهات، إلا أنه بحكم طبيعته هو ميال إلى تجاوز تلك الإشكالية القديمة والقفز إلى الأمام متجاوزًا هذه الوضعية نشدانًا للحرية والتجديد والتغيير.

وشدد الدكتور مشهور مصطفى على أنه مع انتشاره كفن نسأل هل حتمية التجاذب والصراع بين مركزيتين ثقافيتين جعلت من المسرح فى الشرق ولدى العرب تابعًا لهذه المركزية الجديدة ومأخوذًا فى حركتها العامة دفاعًا عن الخصوصية الثقافية والهوية والوجود؟ نحن أمام إشكالية مفادها أن المسرح المعاصر الذى يعمل على تعويم الهويات المسرحية يناقض بشكل غير مباشر طبيعته العالمية.

وقدم د. مصطفى رمضانى، أستاذ المسرح بجامعة محمد الأول بمدينة وجدة بالمغرب، ورقة بحثية بعنوان «المسرح وصراع المركزيات»، مشيرًا إلى أنه قد تختلف زوايا نظرنا إلى المسرح، ومن ذلك الاختلاف تتنوع مفاهيمنا ومواقفنا منه، على الرغم من أنه فى جوهره مسرح واحد، وتبعًا لذلك من الطبيعى أن تتعدد أساليب صناعة الفرجة المسرحية، ولا ننتظر أن يبدع الناس جميعًا شرقًا وغربًا وفق شعرية واحدة، باعتبار أنه لا توجد مركزية واحدة مؤثرة وفاعلة، وأخرى تابعة ومتأثرة، وليست هناك هوية ثقافية خالصة وأخرى هامشية، فلا توجد هوية خالصة، بل هناك هجرة دائمة للهويات وتداخل فيما بينها، إلى درجة يصعب معها التعرف إلى ما هو أصيل فيها وما هو دخيل.

وتابع«رمضانى»: من هنا نفضل الحديث عن تلاقح المركزيات بدل صراع المركزيات، ذلك بأن مبدأ الصراع قد يوحى بما يفيد معنى القضاء على الآخر، فى حين أن الأمر يتعلق بحتمية تفاعل تقتضى الأخذ والعطاء حتى وإن توهمت إحدى المركزيات أنها الأقوى، أو هى المركز والآخر مجرد هامش. فهناك ما نسميه الإرث المشترك الذى يفرضه تنوع المركزيات المعرفية وضرورة تفاعلها، استجابة لمنطق العولمة، وما يقتضيه من تهميش للأصول يصعب معه أمر التمييز بين ما هو دخيل وما هو أصيل، وما هو ثابت وما هو متحرك فيها.

واستطرد أستاذ المسرح بجامعة محمد الأول: «لقد تعمق الوعى بذلك التلاقح بعد تطور وسائل التجريب المسرحى ووسائل التلقى معًا، إذ صار المتلقى لا يقنع بالجاهز ولا بالمألوف مما هو متداول فى الشعريات التقليدية، وهذا ما فتح المجال أمام المبدعين المسرحيين وصناع الفرجة كى يطوروا أساليب إبداعاتهم بانفتاحهم على شعريات الحضارات الأخرى كما تؤكد ذلك التجارب المسرحية شرقًا وغربًا، تلك هى الصيرورة التاريخية، بل ذلك هو منطق دورة الحياة، فلا شىء ثابت غير الموت، فطالما هناك حياة هناك أمل فى التغير والتجدد والتطور. وقد أدرك صناع الفرجة هذه القاعدة، فانخرطوا فى المثاقفة التى هى نتاج فعل التجريب الذى لا ينتهى».

وفى ثانى جلسات اليوم الأول من المحور الفكرى بالمهرجان، والذى جاء بعنوان «المسرح وصراع المركزيات» جاءت الجلسة تحت عنوان «الجمالى / المسرحى ومقاومة المركزية» والتى أقيمت بقاعة الندوات بالمجلس الأعلى للثقافة، وأدارها د. مدحت الكاشف عميد المعهد العالى للفنون المسرحية سابقًا، والذى استهل حديثه قائلًا: «هناك العديد من الأسئلة التى يجب طرحها حول آليات التعامل مع فكرة المركزية، كيف اختلفت، نحن مشغولون بالنموذج الغربى بالدخول فى صراع هل هم يفكرون فى مسرحنا بنفس المنطلق، وقدموا النموذج الذى يشغلنا ولم نقدم بعد النموذج الذى يشغلهم، لذلك الأفضل أن نكرس طاقتنا باتجاه تساؤل كيف يستطيع الفنان العربى التجريب دون النظر إلى تجربة الآخر بمجرد التنظير».

كما قدمت الأردنية د. نجوى قندقجى، أستاذ الفنون الأدائية والمسرحية فى الجامعة الدولية اللبنانية، ورقة بحثية بعنوان «نظريّة المسرح وتمثيل المرجعيّات بين التحوّل والاضطراب» وقالت: فى ظل التجربة الغربية ونظرية المسرح التى تلقفتها التجربة العربية، حيث نلعب دومًا دور المتلقى والمستهلك والمقلّد والمُجارى، تصبح المقاربة لفهم آليات تمثيل المرجعيات أكثر صعوبة وتعقيدًا، ورغم أطروحات التأصيل وإيجاد هويّة للمسرح العربى، لم يتم تجاوز تلك الفجوة التاريخية، لكونه وُلد من خارج مرحلة التأسيس، حين جاء كفنٍ، لا يمكن تجاهل بحث المسرح العربى عن طرق لتمثيل مرجعياته، وربما وضع بعض الملامح الواضحة، سواء كانت على صعيد الموضوع أو الشكل أو الأدوات.

جانب من العروض المقدمة فى مهرجان القاهرة للمسرح التجريبى

وأكدت «قندقجى» أنه مع ضمور النظرية المسرحية وانشطارها إلى مسارات غير واضحة المعالم، تصبح التجربة المسرحية العربية أكثر ضياعًا، أمام تساؤلات حازمة جديرة بالبحث والرصد والتحليل: كيف قاربت التجارب المسرحية العربية مرجعيات الغربية الأساسية؟ وما مرجعيات العرض المسرحى العربى اليوم؟ وكيف اختلفت عن مرجعيات التأسيس وآليات التعبير عنها؟، هل التجريب العربى قادر على خلخلة آليات تمثيل مرجعيات العمل الفنى أم يساهم فى تكريس اضطراب هوية العرض المسرحى؟، كيف يستطيع التجريب أن يملأ تلك الفجوة الفاصلة ما بين تحوّلات المسرح الغربى وفوضى التجربة العربية؟.

فيما قدم الناقد المسرحى التونسى حاتم التليلى ورقة بحثية بعنوان «نحو مـسرح ديوكولونيالى»، متسائلًا: ما الذى سيتبقّى من المسرح الغربى لو نستأصل منه عودة برشت إلى ثقافة النّو والكابوكى؟ ما الذى سيتبقّى من هذا المسرح لو نسحب منه مسرحية المهابهاراتا لبيتر بروك بوصفها نشاطًا مشرقيًّا فى قالب غربى؟ ما الذى سيتبقّى من هذا المسرح لو نجتثّ منه تحريضات أنتونان أرطو بوصفها طاقة بركانيّة هائجة باسم «نقيع السّحر» لم ينضب بعد من الثقافة المشرقية؟ ما الذى سيتبقّى من هذا المسرح لو نسحب عنه تلك العودة إلى الثقافة الإفريقية تحت تغطية فخاخ ذلك المفهوم المسرحى الماكر الموسوم بالمثاقفة؟!.

وتابع: وبشكل مضادّ ما الذى سيتبقّى فى المسارح العربيّة لو نستأصل منها المناهج المسرحية الغربية وتوجّهاتها الجماليّة والفكرية؟ كيف يمكن مجاورة الحدود بين المسرح الغربى والمسارح المشرقية والعربية والإفريقية دون السّقوط فى مهنة التابع؟ هل يمكن التحدّث اليوم عن مسرح ديوكولونيالى ومنه يتكوّن الحديث عن تبديد النزعة المركزية للآخر ومنه تنتهى أسطورة التمركز الغربى ومنه نستطيع إبادة مفهوم الاستثمار والردّ على مفهوم المثاقفة المزعوم؟!.

وأضاف: للإقامة فى تخوم هذه الأسئلة ومجاهيلها، لابد أن نتطرّق إلى تأكيد استحالة التجريب فى المسرح دون تبديد تلك الأضاليل الفكرية والجمالية ومزاعم التثاقف، وإلى سؤال التجريب بوصفه الآن سلاحًا فعّالًا لتحطيم البراديغمات المسرحية السائدة عربيّا كانت أم غربيّا، سوف نتطرّق إلى سؤال الديكولونيالية فى المسرح بوصفه رهانًا جماليًّا وفكريًّا منه تنشأ عمليّة نقش المستقبل الجمالى للعالم بشكل مشترك خارج معظم نزعات التمركز فى أشكالها المختلفة.

بينما قدم الناقد والباحث المغربى كمال خلادى ورقة بحثية بعنوان «مسرح الألفية الثالثة: من صراع اللامركزيات إلى تعدد الجسد وهجرة الحركة» موضحًا أنه يميل الدارسون والممارسون إلى التفكير فى مسرح الألفية الثالثة انطلاقًا من خطى تفكير بارزين إنهم الآن أميل إلى الاقتناع بأن مقولة الأمة الموحدة والمتجانسة قد انسحبت لتترك مكانها إلى رؤية العالم بما هو مساحة مفتوحة يعاد تشكيلها باستمرار تحت ضغط التحولات السياسية، الاقتصادية، الثقافية، والتقنية فى هذا السياق تصبح المهجنة والهشاشة سمتين أساسيتين للأمكنة التى تتشكل خصوصًا من خلال قيم الإنتاج والاستهلاك، ويصبح مفهوم الهوية مفهومًا متفاوضًا بشأنه على الدوام. من جهة ثانية.

وأضاف «خلادى»: يبعث خطا التفكير السابقان حزمة أسئلة قديمة وأخرى جديدة مسائل تصوراتنا حول المسرح، والأداء، والهوية، والثقافة، ومقولات مثل المسرح الخاص بنا، والمسارح الوطنية، والأنا والآخر، سنعيد طرح العلاقة بين المسرح العربى والغربى وفق نظم تفكير ومقاربات جديدة، أيضًا واقع انتقال المعرفة والفرجة والخبرة وإعادة تحتها وتوزيعها عبر انتقال الأجساد والأشكال الأدائية.

فيما قدم الباحث والناقد العراقى د. وسام عبدالعظيم عباس، ورقة بحثية بعنوان «السلالات الأدائية فى المسرح المعاصر ونهاية المركزيات» أكد خلالها أن وضع بوصلة واضحة لصراع المركزيات بشكلها العام يبدأ بالهوية الحضارية والثقافية كونها هى التى تحدد التماسك والتفكيك والصراع، بوصفها القادرة على وضع مقياس حقيقى لتفاوت المركزيات، ومن جملة الذين يتفاعلون مع هذا الصراع المسرح بوصفه العصب الرئيس فى تشكيل الحضارة وتكوين الهوية الثقافية، ولأن العروض المسرحية التقليدية فى السياقات العربية والغربية هى نتاج بيئاتها التاريخية والثقافية والدينية الفريدة، اجتهد كل تقليد وطور أشكالًا مختلفة من التعبير، لذا فإن التبادل المستمر للأفكار والتعديلات عبر صراع المركزيات الناتج عن حركة المد والجزر الذى تتعرض له المؤسسة المسرحية، نتج عنه تيارات محلية جديدة واضمحلال تيارات مركزية أخرى كانت سائدة وقد حدث ذلك نتيجة لتدمير المراكز، وتعميق الغموض، والتباس المعنى، عبر إنهاء الأسلوبية والاتجاه بخاصية تعدد الأساليب، ومزج الاتجاهات، والمزاوجة بينها ما أسهم بإنتاج أنماط محلية واستكشاف ألوان وتجارب أدائية تجتهد لتبرز على السطح.

ولفت إلى أن الصراع الملحوظ بين مراكز النظريات الأدائية ساهم بشكل أو بآخر بإنتاج أنماط فنية/ مسرحية/ أدائية جديدة لم تأخذ حيزًا فيما سبق، فتشكلت عبر مظلة أكبر فيها شىء من الخصوصية والاستقلال للنوع والمؤدى، ومن هذه الأنماط الأدائية الرقص واللعب على الحبال وتربية القرود والمهرج والراوى، والحكواتى إذ لم تكن لهم خصوصية فى ظل المركزيات التى كانت تمتاز بصرامة المنجز الفنى، فأخذت الأداءات المسرحية تتجه صوب التقديم الذى تجاوز جميع تابوهات فن التمثيل وخطوطها الحمراء عبر الارتجال، وتبادل الأدوار، والفعل الخارجى لتسييل/ تذويب الحدود بين المؤدى وطبيعة الشخصية التى سيتم تقديمها.

2024-09-07T04:01:39Z dg43tfdfdgfd